أحياناً تكون العبارات القصيرة والخواطر الإيمانية أبلغ في إيصالِ الهدف المراد منها من خطبةٍ طويلةٍ، مهما كان مضمونها وطريقة إلقائها، لأن طبيعة النفس البشرية تحب الاختصار وتحب الإيجاز (وخلق الانسان عجولاً) هذا ما قاله الحق -تبارك وتعالى- ، ومن هنا ستكون عدة خواطر جالت بالخاطر الكلمات وحدس الإيمان.
- حين أنحني في سجودي أتذكرُ علاك، حين أسبحك أتذكر عفوك ورضاك، كم من المرات التي عقدت فيها ألا أعود لعصيانك وأخلفت وعودي، وكم من المرات التي قرأت بها أحاديث التوبة فاستجمعت قواي لها، ثم وَهَنت، أنا ياربي ضعيفُ القوى بكَ أحتمي، ضعيف الجانب إليك ألتجي، أنت العفو إذا تحاسب على النيّة الصالحة مالم تُفعل، ونواياي الصالحة حال بين بعضها شيطاني، وهواي من أن تكون أعمالاً، فهل ستقبل نواياي، وتكون طاقةً لي بعونك كي تكون أفعال خيرٍ وطاعة خالصة لوجهك ياكريم، أعنّي يا الله .
- مع شروق شمسِ كل صباح، وبمجرد أن أفتح عيناي وأيقن أني دخلت يوماً جديداً، وأن روحي لازال فيها المتسع لذكرك ولعبادتك، أحمدك كثيرًا ياربي وأتوق لما يخبئه لي قدرٌ قدّرته لي فيه كل الخير بظاهره أو ببطانه، أستيقظ بقوة وأعمل بجد لأنّك ربي الذي خلقتني، ولأنك الكريم الذي منحتني أياماً وها هو يومٌ جديد تمنحني إياه لزيادة عملي الصالح، وكفرصةٍ للتغير نحو الأفضل.
- هل سمعتَ عن المناجاة؟ مناجاة الحبيب لحبيبه، يحدثه بأجمل الكلام يعبر فيها عن شعوره ويعبر عن ضعفه واستكانته، هي لا تكون إلا بين الأحباب، بين طرفين بينهما قوة الوفاق والثقة الكبيرة، هل جرّبت المناجاة مع الله؟ أوليس هو الخالق الأعظم الجدير بأكبر حبٍ في الوجود، الله يحب عبده الملتجئ إليه ويكنفه في رحمته، فهل أنت تحب الله وتذهب لمناجاتهِ؟، مناجاةُ الله هي سلاح وهي قوة وهي حصن يلتجئ إليه العبد كلما شعر بحزن، وكلما شعر بفرح، وكلما شعر بقوة أو بضعف، في كل أحواله يقبله ربه، يهديه من أسرار الكون شيئًا يخفف عنه مسير الحياةِ الطويل، جرب أن تناجي ربّك ساعةً في الليل ستجدها صعبةً في البداية، لكنها ممتعة للغاية وللمناجاة لذة لا يعرفها إلا من جرّبها يومًا، ولا يتركها من جرّبها بصدق، أن تشعر أنه ليس بينك وبين السماء مسافات، وأنه ليس بينك وبين الله حجاب، أنك أضعف قوة على الأرض تناجي أعظم قوة في السماء والأرض، يكفيك هذا الشعور لتبوح بكل ما في داخلك لتدعو الله بكل ما تريد،ستشعر أن حملاً كبيراً قد انزاح عن كاهلك، وستشعر أنّك خفيفٌ كما لو كنتَ طيرًا تطير في السماء.
- عندما نصلي لانؤدي حركاتٍ رياضية بل نفتح طريقًا للسّماء نرسله عبره الدعاء، والحمد، والشكر، عندما ننفق من أموالنا للفقراء لا نُنقص من ذخيرتنا بل نُعطي أموالنا قدرًا من الطًهر في دُنيا الزَيف، عندما ترتدي فتياتُنا الحجاب لا ترتدي قماشًا وحسب؛بل تكتسي عفةً، وطهارةً، وجمالاً، واكتمالاً كالقمر، ديننُا ليست ظواهر إنما جوهرةٌ عميقةٌ رائعة.